في السودان وحده، وليس في سواه، يصطرع قادة الإنقاذفتحترق دارفور، وتتحوّل بيوت المعدمين والبُسطاء إلى ركام، وأجسادهم الى رفات..!وفي السودان وليس في غيره، يشتجر معسكر المنشية مع معسكر القصر، فتشتعل النار في جسد الوطن وتطال الأخضر واليابس.. ويندلع الحريق في كل المناحي، وتتعطلعجلة التنمية، ويخرج مشروع الجزيرة من دائرة الإنتاج، وتتراجع حركة الصادرات، وتوشك البلد أن تتحول الى حاضنةاستهلاكية غير منتجة، ويتقهقر الجنيه ويتقازم أمام الدولار، وتضيق بالناس الضوائق.. ثُمّثُمّ، يتصالح قادة الإنقاذ، فيرجع المؤتمر الشعبي الى بيت الطاعة حزباً صغيراً ووديعاً، أمام نافذية وسطوة المؤتمر الوطني، وإن شئت الدقة، فقل أمام سطوة الرئيس البشير، ببزته العسكرية ونياشينه البارزة، وبمعاونيه من الجنرالات أمثال الفريق أول بكري حسن صالح والفريق أمن طه عثمان..!ويتصالح قادة الإنقاذ، فيدخل كمال عمر القيادي البارز في المؤتمر الشعبي الى قبة البرلمان نائباً ساكناً، بعدما كان ضاجاً بالحيوية والمعارضة، وبعدما أدخل لسانهإلى جوفه، وبعدما بلع كلامه وماضيه المُشاجر للمؤتمر الوطني..!ويتصالح قادة الإنقاذ، فيُصبح ابراهيم السنوسي مساعداً لرئيس الجمهورية، وهو من كان يحدثنا – حتى وقت قريب – عن أنه نذر ما تبقى من عمره لإسقاط النظام، وهو من كان يحرِّض ويحمِّس شباب حزبه وشاباته - على السواء - لركوب قاعدة العين بالعين والسن بالسن، في عراكهم مع أجهزة الحكومة السلطوية التي كانت تتربص بهم في كل وقتٍ وكل حين، وتنال منهم النوائل، جرياً على صراع القصر والمنشية..!ويتصالح قادة الانقاذ، فينسى يوسف لبس أنه مكث في سجن إخوانه سنيناً، ويتغافل عن كيدهم الذي منحه لقب أطول السجناء حبساً، ويعود تائباً ثم نائباً في برلمان المؤتمر الوطني، من بعد طول شقاق..ويتصالح قادة الانقاذ، فيتأكد المراقبون ان البشير كسب صراعه مع الترابي حياً ثم ميتاً. ذلك أن حزبه الصغير يتحول الآن إلى تيار حزبي داخل المؤتمر الوطني، بأمر وتحت سطوة الجنرالات وكلمتهم الصادعة المسموعة والمطاعة..!ثًمّثُمّ يتعانق قادة الإنقاذ، فيحدث ما لم يخطر على بال أحد.. ويعود المهندس سليمان جاموس، مسؤول الشؤون الانسانية بحركة العدل والمساواة، إلى الخرطوم..يعود، ليس أسيراً مثل نمر عبد الرحمن رئيس المجلس الانتقالي، ولا مثل المتحدث العسكري لحركة مناوي أحمد حسين مصطفى )أدروب(، وإنما عبر مطار الخرطوم، زائراً مُرحّباً به فهو مأمون الداوخل، ومأمون المنقلب والعواقب..!نعم، عاد جاموس وفي معيته أبو بكر حامد نور، القائد البارز في حركة العدل والمساواة الموصوفة بانها الذراع العسكري للمؤتمر الشعبي، وفي رفقتهما أبو القاسم عبد الرحمن بشير رئيس مكتب الحركة بكندا، وحامد حجر أبرزالقيادات العسكرية بالعدل والمساواة..عاد جاموس بعدما قال إنه ملّ الحرب وسئم الاقتتال.. وأما نحن، فنعيدكم الى ما صدّرنا به قولنا عاليه..نعيدكم إلى أنه، حين يشتجر قادة الإنقاذ تحترق دارفور.. وحين يتصالحون يترك الإخوان البندقية ويعودون من ساحات الاقتتال العبثي..!نقول ذلك لأنه ليس من منطق للعودة المجانية لحملة البندقية، إلا إذا كان في سياق رجوع الإخوة إلى الإخوان..!