الصدمة العاطفية هل تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب
الصدمة العاطفية هل تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب
الصدمة العاطفية الفاشلة مرة وقاسية تطرد العاشق
من دفء الحب، الشعور بالأمان إلى جزيرة الوحدة،
العزلة، تحطم ما ظل يبني من آمال، أمنيات وغالباً ما
يربط علماء النفس بين صدمة التجارب العاطفية والأمراض
النفسية التي قد يعود مردوها بالإصابة بالأمراض الجسدية
لكن الغريب هو ما أكدته دراسة حديثة حيث أشارت
إلى أن الصدمة العاطفية ( الحب الفاشل) تصيب 82%
من الشباب من الجنسين بالعجز الجسدي،
الأمراض المزمنة.
ما تأثير الصدمة العاطفية
الصدمة العاطفية قد تكون صعبة للغاية فقد يصل رد الفعل
لدى صاحبها إلى تهديد كيانه وهدم دوره في المجتمع
والتي تحدث بسبب الفشل في الحب فيتصور المصدوم
عاطفياً أن ما حصل له هو نهاية العالم بأسره وأن الحلم
الوردي الرومانسي بالارتباط بالطرف الآخر تحول إلى
كابوس مؤلم ولا يملك سوى الاستسلام لفكرة ضياع
الحلم والغوص في التعاسة ويصور له خياله انه لم
ولن يحب سوى هذا الشخص وأنه سيقضي بقية عمره
يتجرع مرارة الألم بعد أن فقد فرصته الوحيدة في السعادة.
أعراض الصدمة العاطفية
يشعر المصدوم عاطفياً بالرفض، النفور، الاغتراب عن
محيطه حتى عن أهله، أصدقائه لأنه خسر قلب من يحب،
سعادة العمر كله فشعوره بالهزيمة، الفشل ،انهيار ما بناه
من أحلام يجعله متوتراً، سريع الغضب، صامت، مكتئب
فهو يعاني من حالة يطلق عليها علماء النفس
(التصحر الوجداني) فيعاني من بعض الأعراض مثل
-
الأعراض الجسدية
يصاب المصدوم ببعض الأعراض التي قد يلاحظها المحيطين
به كالاضطرابات في الأكل والنوم, عجز جنسي, انخفاض
في الطاقة, ألم مزمن غير مفسر في أجزاء الجسم المختلفة.
-
الأعراض العاطفية
الكآبة، البكاء التلقائي، الشعور باليأس, القلق, نوبات
من الخوف, الشعور بعدم السيطرة على الذات, الطيش،
الغضب، الاستياء, الخدر العاطفي, الانسحاب من
العلاقات الاجتماعية والحياة اليومية الروتينية.
-
الأعراض الإدراكية
تراجع أداء الذاكرة خصوصا حول الصدمة, صعوبة في
اتخاذ القرارات, نقص القدرة على التركيز, الشعور
بالتشويش.
-
أعراض أخرى
وتشمل العزلة التي يفرضها المصدوم على نفسه،
رفض الحوار، تذكر المحبوب ومحاولة الاتصال به ورؤيته
والحديث معه، تذكر الأحداث الماضية، العيش في
الذكريات المرتبطة بالحبيب المفقود، يكون المزاج عادة
متوتراً وحزيناً، وتقل الشهية للطعام وتضعف الطاقة
والهمة، وقد يصل الأمر إلى إهمال مظهره, عدم الاستحمام،
وبعضهم الآخر تتأثر دراسته أو عمله بشكل سلبي ويمكن
له أن يرسب في دراسته أو يتوقف عن الدراسة أو يستقيل
من عمله وفي حالات أخرى مرضية يمكن أن يصاب الشاب
أو الشابة بنوبة اكتئابية شديدة وصولاً إلى محاولة
الانتحار والتخلص من حياته.
الصدمة العاطفية هل هي رد فعل طبيعي
الصدمة العاطفية هي رد فعل طبيعي مؤقت على فقدان
الحبيب ولا تسمى مرضاً أو اضطراباً إذا لم تتجاوز الحدود
الواقعية، وهي تستمر لأسابيع أو أشهر ويمكن اعتبار
الصدمات العاطفية أمراً طبيعياً لأن مرحلة الشباب
نفسها تمتاز بحدة الانفعالات، الاندفاعات العاطفية تجاه
الجنس الآخر وهي تتميز أيضاً بتقلب العواطف وحب
التجريب، الاكتشاف، كما أن ضعف الخبرة في التعامل
مع الجنس الآخر ومع الواقع العملي يجعل من الطبيعي
حدوث علاقات عاطفية غير مناسبة مما ينتج عنها
فراق، ألم، صدمات.
متى تعتبر الصدمة العاطفية حالة مرضية
في الحالات المرضية يمكن أن تكون ردود الفعل شديدة،
قد تستمر فترات طويلة ويرافقها تغيرات عاطفية وسلوكية
تجاه الجنس الآخر كأن يبتعد الشاب عن الفتيات تماما،
أو على العكس من ذلك يمكن أن يصبح عدوانياً وانتقامياً
من الجنس الآخر كأن تقوم الفتاة بإقامة علاقات متعددة
تزعج فيها الشباب وتؤذيهم واحداً بعد الآخر، بعد أن تعرضت
هي نفسها إلى صدمة عاطفية من حبيبها السابق.
مراحل الصدمة العاطفية
-
مرحلة التكذيب
حيث لا يصدق المصدوم صدمته، أنه فقد حبيبه إلى الأبد،
فيحدث له اغتراب وانعزال عن الواقع الذي يعيش فيه
لفترة من الزمن.
-
مرحلة الغضب
وفيها يقهر المصدوم نفسه ويتعذب كثيرا ليجد سبباً مقنعاً
لما أصابه، خاصة انه يعتقد انه المعذب الوحيد، بينما
الآخرون يعيشون سعادة وسلام.
-
مرحلة الاستقرار
حيث يكون الشخص قد تكيف مع واقعه وتعايش مع
الصدمة العاطفية ويحاول أن يتخلص من متاعبه وآلامه
بأسلوب راقي، حلول واقعية.
تدرج الحالة النفسية للمصدوم عاطفياً
يعاني المصدوم عاطفياً بحالة نفسية سلبية تختلف شدتها
ومدتها الزمنية من شخص لأخر حسب تقبله للواقع وقد تتطور
الحالة ليصبح الأثر النفسي الناجم عن الصدمة العاطفية
يتمثل في جملة من الأمراض يصاب بها المصدوم بداية من
الشعور بالحزن إلى الجرح العميق الذي ينجم عنه الإصابة
بحالات مرضية نفسية مثل الاكتئاب، يمكن أن تظهر في
صورة أمراض عضوية مثل قرحة المعدة، قرحة بالاثنى عشر،
عدم انتظام ضغط الدم، ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم،
الإصابة بأمراض القلب، انسداد الشرايين، كما قد تزداد
حدة الضغوط النفسية وينتج عنها ما يسمى بالهم النفسي
والمعاناة العقلية، والأخيرة هي أقصى درجات الصدمة
العاطفية ويطلق عليها في علم النفس (الانفجار العاطفي).
الصدمة والإصابة بالعجز
إن الصدمة العاطفية تتسبب بحزن شديد للشاب ففقد الشاب
الفتاة التي تمنها زوجة له أو فقد الفتاة الشاب الذي تعتبره
فارس أحلامها مما يؤثر على أطرافه العصبية فتصاب
بالتشنج وهو ما يسمى طبياً بالعجز نتيجة تكاسل
الإشارات العصبية المرسلة من الدماغ هذا ما أكدته الدراسات
الحديثة التي اكتشفت أن حوالي 82% من الشباب،
54% من الفتيات يصابون بالعجز بدرجات متفاوتة بحسب
نسبة ارتفاع الكولسترول في الدم نتيجة الحزن الشديد.
أخطاء ترتكب لاستعادة التوازن العاطفي السريع
بعض الشباب ينكب على مهامه الحياتية أو هواياته ويشغل
نفسه بشكل مبالغ فيه كتعويض عن الفقدان الذي تعرض
له وكأنه يهرب من تجربة الفقدان بهام يخلقها لنفسه
غير حقيقة فمثلاً إذا كان من هواة الرسم فيغلق على
نفسه ويظل يرسم طوال الوقت دون توقف أو نهاية.
الابتعاد المكاني كأن ينتقل من مكان إقامته أو عمله
أو كليته كي لا يرى المحبوب أو يسمع عنه أو يتعامل
معه وهو يحاول مقاومة نفسه ومشاعر الضعف والألم
والفقدان بالهروب من لقائه وقد يفيد ذلك مؤقتاً ولكنه
أسلوب غير ناضج للتعامل مع الصدمة مباشرة كما
أنه يمكن أن يترك آثاراً سلبية عديدة على المدى البعيد.
وبعضهم يقفز إلى مغامرة عاطفية أخرى بشكل سريع
وفقاً لمبدأ (داوها بالتي كانت هي الداء) ولا يفيد ذلك
غالباً ولابد أن يبرأ الشخص من أزمته وصدمته السابقة قبل
أن يقوم بالارتباط العاطفي بعلاقة أخرى لأنها بهذا الأسلوب
يكون محكوم عليها بالفشل إن عاجلاً أو أجلاً وما هي
ألا طريقة لخداع النفس بحب ليس حقيقي.
كيفية استعادة التوازن العاطفي
-
الجانب النفسي
ومن النواحي النفسية يمكننا أن نقول أنه من المفيد
التحدث عن الأزمة العاطفية والتعبير عن الألم والأسى
والفقدان والإقرار بهذه العواطف والانفعالات بهدف تجاوزها
ولذلك البكاء جيد ولا يجب أن نخجل منه.
-
الناحية العقلية
ومن المفيد أيضاً هضم التجربة من النواحي المنطقية
العقلانية وإيجاد التفسيرات المناسبة والأسباب التي أدت
إلى انتهاء العلاقة ويمكن أن يكون ذلك بشكل ذاتي يقوم
به الشخص مع نفسه، أو من خلال الحوار مع أصدقائه
ومعارفه أو مع المعالج النفسي.
-
القيام برحلة
يفيد الابتعاد المؤقت عن الحدث مثل إجازة قصيرة أو رحلة
سفر للابتعاد عن الجو المؤلم مما يعطي فرصة لتقويم الحالة
برؤية مختلفة إيجابية بدلا عن الانغماس في مشاعر الألم
والإحباط والشوق وبعض الحالات تحتاج للمزيد من العلاج
الاختصاصي النفسي أو الدوائي إذا كانت أعراض الصدمة
شديدة أو طالت مدتها.
الوقاية خير من العلاج
علينا أن نكون مدركين نحن الآباء ما يمر به أبنائنا في مرحلة
الشباب وأن نعينهم مقدماً وقبل الوصول إلى مرحلة الصدمة
العاطفية باتخاذ أساليب الوقاية المسبقة بالاستفادة من
قصص الحياة ومن الأصدقاء والأهل، ومن الثقافة والكتب،
من وسائل الإعلام المختلفة فيما يتعلق بالقضايا العاطفية
ومشكلاتها مع العلم بأن الفتاه أكثر تأثرا من الشاب بالصدمة
العاطفية لذلك علينا أن نهتم بها ونأخذ بيدها ونوجهها ونعزز
ثقتها بنفسها.
كما يجب على الآباء ألا يخجلوا من التحدث مع أبنائهم
في مشاكلهم العاطفية وأن يقربوهم إليهم بقدر المستطاع
وعدم اتخاذ أسلوب سرد النصائح، الحكم التي لا تجدي
في تلك الظروف ولكن نراعي ظروفهم، صغر أعمارهم،
قلة خبرتهم ونتخذهم أصدقاء بدلاً من اتخاذهم تلاميذ.
فلابد من أن نوضح لهم إن (الأزمة فرصة) ويمكن أن تتحول
المحنة العاطفية إلى فرصة للنمو واختبار للحياة وللذات
فمهما كانت الآلام المرافقة لمعاناة الصدمة العاطفية يمكن
أن تشكل دروساً مفيدة للشاب وللشابة فتجعلهما أكثر
صلابة وأكثر نضجاً من النواحي العاطفية، الحياتية.