منتدى احلى تطوير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى احلى تطويردخول

منتدى احلى تطوير لتطوير المواقع والمنتديات


description رمضان ومقومات العبادة Empty رمضان ومقومات العبادة

more_horiz
رمضان ومقومات العبادة

قضى الله بقضائه الشرعي[1] أن يكون للخلق مواسم وأزمنة تكون مواطن لتغاير العبادات وتنوعها، وهو في ذلك - سبحانه - يراعي حال الخلق ويعرف ما يفضي إلى صلاحهم وفسادهم، قال - تعالى -: ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) [الملك: 14]، فهذا التغاير والتنوع في صور العبادات وأزمنتها إنما هو في حقيقة يحقق مصالح العباد في العاجل والآجل، فالإنسان بمقتضى خلقته وجبلته مجبول على السآمة والملل، وتصور لو أن العبادة كانت على وجه واحد وصورة واحدة لكان ذلك مفضياً إلى الانقطاع أو على الأقل تؤدى بلا روح ولا هدف، وهذا التنوع داع إلى تجدد الشوق في نفوس العبادة إلى خالقهم - سبحانه -؛ لأنه يعد ولا شك سبباً لاستفزاز النفس وتنبيهها إلى مقاصد الحق من الخلق، وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم)) [2]، ومن أسباب تجدد الإيمان ذلكم التنوع في العبادات سواء في مظاهرها أو أزمنتها.

ويعد شهر رمضان المبارك موسماً من مواسم الخيرات التي جعلها الله - تعالى -مجالاً لعبادات يختص بها دون غيره من الشهور والأزمنة، وهو بهذا يمتلك الخصوصية في جعل مسار العبد أقرب إلى الله - تعالى -شوقاً وتقرباً، وهذه الخصوصية يظهر بيانها في مقاصد قوله - تعالى -: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) [البقرة: 185]، فشأن عبادات هذا الشهر أن تجعل للعبد نصيباً من الهدى والفرقان، وهو بهذا يحقق مقام العبدية الاختيارية لله - تعالى -.

إن النظر إلى هذا الشهر وما فيه من عبادات وأعمال يقوم بها العبد يلزم النظر إليها بالمقتضى الكلي الجامع لكل مقومات الشريعة ومكوناتها وما يتلوه من تحقق العبادة الكاملة لله - عز وجل -، وانظر إلى هذا التحقيق العلمي الرصين للعلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى -وهو يقوم بتسكين كل مقومات العبادة في بعدها الشرعي الكلي، فيقول: "وأما الشريعة فمبناها على تعريف مواقع رضا الله وسخطه في حركات العباد الاختيارية، فمبناها على الوحي المحض، والحاجة إليها أشد من الحاجة إلى التنفس، فضلاً عن الطعام والشراب؛ لأن غاية ما يقدر في عدم التنفس والطعام والشراب موت البدن وتعطل الروح عنه، وأما ما يقدر عند عدم الشريعة ففساد الروح والقلب جملة، وهلاك الأبد، وشتان بين هذا وهلاك البدن بالموت. فليس الناس قط إلى شيء أحوج منهم إلى معرفة ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والقيام به، والدعوة إليه، والصبر عليه، وجهاد من خرج عنه حتى يرجع إليه، وليس للعالم صلاح بدون ذلك البتة، ولا سبيل إلى الوصول إلى السعادة والفوز الأكبر إلا بالعبور على هذا الجسر"[3]، فأنت ترى أن الإمام - رحمه الله - نظر إلى الشريعة على أنها قوام الحياة الحقيقية للعبد بعد أن رسم مساراً يتجاوز الحياة الدنيا، إذ اتباع الشريعة وتحقيق في النفس إصلاح إلى لمسارها في الدنيا والآخر، فلا صلاح للمرء في عاجله وآجله إلى باتباع الشريعة وتتبع مقاصدها ومقوماتها، ولم يكتفي - رحمه الله - بهذا القدر، بل جعل بعد التأصيل الكلي يقف عند كل تشريع يبين قيمته وأهميته ومقامه وتحقيقه لعبدية الإنسان حال التلبس به، فيقول - رحمه الله - في توصيف أهم العبادات في شهر رمضان وهو ما نحن بصدده في هذا السياق: "وأما الصوم، فناهيك به من عبادة تكف النفس عن شهواتها، وتخرجها عن شبه البهائم إلى شبه الملائكة المقربين، فإن النفس إذا خليت ودواعي شهواتها التحقت بعالم البهائم، فإذا كفت شهواتها لله ضيقت مجاري الشيطان، وصارت قريبة من الله بترك عاداتها وشهواتها، محبة له، وإيثاراً لمرضاته، وتقرباً إليه، فيدع الصائم أحب الأشياء إليه وأعظمها لصوقاً بنفسه من الطعام والشراب والجماع من أجل ربه، فهو عبادة لا تتصور حقيقتها إلا بترك الشهوة لله، فالصائم يدع طعامه وشرابه وشهواته من أجل ربه. وهذا معنى كون الصوم له تبارك وتعالى، وبهذا فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الإضافة في الحديث، فقال: ((يقول الله - تعالى -: كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشرة أمثالها، قال الله: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)) [4]، حتى إن الصائم ليتصور بصورة من لا حاجة له في الدنيا إلا في تحصيل رضا الله...- ثم يقول عن حقيقة الصوم-: إنما شرعه إحساناً إلى عباده، ورحمة بهم، ولطفاً بهم، لا بخلاً عليهم برزقه، ولا مجرد تكليف وتعذيب خال من الحكمة والمصلحة، بل هو غاية الحكمة والرحمة والمصلحة، وأن شرع العبادات لهم من تمام نعمته عليهم، ورحمته بهم"[5].

==============

[1] الزمان هو فرد من أفراد القضاء الكوني لله - سبحانه وتعالى -، والقضاء الشرعي في هذا الزمان إنما جاء من جهة تشريع العبادات والأحكام فيه.

[2] أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الإيمان، رقم: 5.

[3] مفتاح دار السعادة، 864.

[4] أخرجه البخاري، رقم: 1894.

[5] مفتاح دار السعادة، ص867.

description رمضان ومقومات العبادة Emptyرد: رمضان ومقومات العبادة

more_horiz
مشكور على الموضوع الرائع

description رمضان ومقومات العبادة Emptyرد: رمضان ومقومات العبادة

more_horiz
جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك
وانار دربك بالايمان
ويعطيك العافيه على طرحك
ماننحرم من جديدك المميز

description رمضان ومقومات العبادة Emptyرد: رمضان ومقومات العبادة

more_horiz
 رمضان ومقومات العبادة 2224528
ينقل للقسم المناسب


 للتواصل مع الإداره اضغط هنا
 للشكايا والاقتراحات اضغط هنا
 لطلبات الإنضمام للفريق اضغط هنا
 رمضان ومقومات العبادة P_508ektk91
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى