بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
اما بعد
اخوتى فى الله هذا موضوع مهم جدا لا بد على كل مسلم ان يعلمه حتى لا يقع فى الشبهات
والموضوع سيكون على عدة اقسام ان قدر الله تبارك وتعالى البقاء
وهو عن حقيقة القاء الشيطان فى امنية الانبياء والتفسير الصحيح لها ان شاء الله تبارك وتعالى وبيان الحق باذن الله جل وعلا
قال تعالى
( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُول وَلا نَبِىّ إِلاَّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللّهُ آياتِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). ( لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظّالِمينَ لَفي شِقاق بَعِيد ). (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللّهَ لَهادِالَّذينَ آمَنُوا إِلى صِراط مُسْتَقيم ). سورة الحج وهذه الآية أو الآيات من أوثق الأدلة في نظر القائل بعدم عصمة الأنبياء ، وقد استغلها المستشرقون في مجال التشكيك في الوحي النازل على النبي على وجه سيوافيك بيانه.
وكأنّ المستدل بهذه الآية يفسر إلقاء الشيطان في أُمنية الرسول أو النبي بالتدخل في الوحي النازل عليه فيغيره إلى غير ما نزل به.
ثم إنّه سبحانه يمحو ما يلقي الشيطان ويصحّح ما أُُنزل على رسوله من الآيات ، فلو كان هذا مفاد الآية ، فهو دليل على عدم عصمة الأنبياء في مجال التحفّظ على الوحي أو إبلاغه الذي اتفقت كلمة المتكلمين على المصونية في هذا المجال.
وربما يؤيد هذا التفسير بما رواه الطبري وغيره في سبب نزول هذه الآية ، وسيوافيك نصه وما فيه من الإشكال.
فالأولى تناول الآية بالبحث والتفسير حتى يتبيّن انّها تهدف إلى غير ما فسّره المستدل فنقول : يجب توضيح نقاط في الآيات.
الأُولى : ما معنى أُمنية الرسول أو النبي؟ وإلى مَ يهدف قوله سبحانه : ( إذا تمنّى ) ؟
الثانية : ما معنى مداخلة الشيطان في أُمنية النبي الذي يفيده قول اللّه سبحانه : ( ألقى الشيطان في أُمنيّته ) ؟
الثالثة : ما معنى نسخ اللّه سبحانه ما يلقيه الشيطان؟
الرابعة : ماذا يريد سبحانه من قوله : ( ثم يحكم اللّه آياته ) وهل المراد منه الآيات القرآنية؟
الخامسة : كيف يكون ما يلقيه الشيطان فتنة لمرضى القلوب وقاسيتها؟ وكيف يكون سبباً لإيمان المؤمنين ، وإخبات قلوبهم له؟
وبتفسير هذه النقاط الخمس يرتفع الإبهام الذي نسجته الأوهام حول الآية ومفادها فنقول :
1. ما معنى أُمنية الرسول أو النبي؟
أمّا الأُمنية قال ابن فارس : فهي من المنى ، بمعنى تقدير شيء ونفاذ القضاء به ، منه قولهم : مني له الماني أي قدر المقدر قال الهذلي :
لا تأمنن وان أمسيت في حرمحتى تلاقي ما يمني لك الماني
والمنا : القدر ، وماء الإنسان : منيّ ، أي يُقدّر منه خلقته. والمنيّة : الموت ، لأنّها مقدّرة على كل أحد ، وتمنّى الإنسان : أمل يقدِّره ، ومنى مكة : قال قوم : سمِّي به لما قُدِّر أن يُذبح فيه ، من قولك مناه اللّه.
وعلى ذلك فيجب علينا أن نقف على أُمنية الرسل والأنبياء من طريق الكتاب العزيز ، ولا يشك من سبر الذكر الحكيم انّه لم يكن للرسل والأنبياء ، أُمنية سوى نشر الهداية الإلهية بين أقوامهم وإرشادهم إلى طريق الخير والسعادة ، وكانوا يدأبون في تنفيذ هذا المقصد السامي ، والهدف الرفيع ولا يألون في ذلك جهداً ، وكانوا يخططون لهذا الأمر ، ويفكّرون في الخطة بعد الخطة ، ويمهدون له قدر مستطاعهم ، ويدل على ذلك جمع من الآيات نكتفي بذكر بعضها :
يقول سبحانه في حق النبي الأكرم : ( وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنينَ ).سورة يوسف ويقول أيضاً : ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرات إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ ). سورة فاطر ويقول أيضاً : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرينَ ). سورة النحل ويقول سبحانه : ( إِنَّكَ لاتَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ). سورة القصص
ويقول سبحانه : ( فَذَكِّرْإِنَّما أَنْتَ مُذَكِّر * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بُمُصَيْطِر ). سورة الغاشيه
هذا كلّه في حق النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
ويقول سبحانه حاكياً عن استقامة نوح في طريق دعوته : ( وَإِنّي كُلَّما
دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ في آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً * ثُمَّ إِنّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً * ثُمَّ إِنّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً ).سورة نوح
ويقول سبحانه بعد عدة من الآيات : ( قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْني وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاّخَساراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبّاراً * وَقالُوا لا تَذَرُُنَّ آلهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْأَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِالظّالِمينَ إِلاّ ضَلالاً). سورة نوح
فهذه الآيات ونظائرها تنبئ بوضوح عن أنّ أُمنية الأنبياء الوحيدة في حياتهم وسبيل دعوتهم هو هداية الناس إلى اللّه ، وتوسيع رقعة الدعوة إلى أبعد حد ممكن ، وان منعتهم من تحقيق هذا الهدف عراقيل وموانع ، فهم يسعون إلى ذلك بعزيمة راسخة ورجاء واثق.
إلى هنا تبيّن الجواب عن السؤال الأوّل ، وهلم معي الآن لنقف على جواب السؤال الثاني ، أعني :
2. ما معنى إلقاء الشيطان في أُمنية الرسل؟
وهذا السؤال هو النقطة الحاسمة في استدلال المخالف ، وبالإجابة عليها يظهر وهن الاستدلال بوضوح فنقول : إنّ إلقاء الشيطان في أُمنيتهم يتحقّق بإحدى صورتين :
1 ـ أن يوسوس في قلوب الأنبياء ويوهن عزائمهم الراسخة ، ويقنعهم بعدم جدوى دعوتهم وإرشادهم ، وانّ هذه الأُمّة أُمّة غير قابلة للهداية ، فتظهر بسبب
(109)
ذلك سحائب اليأس في قلوبهم ويكفّوا عن دعوة الناس وينصرفوا عن هدايتهم.
ولا شك أنّ هذا المعنى لا يناسب ساحة الأنبياء بنص القرآن الكريم ، لأنّه يستلزم أن يكون للشيطان سلطان على قلوب الأنبياء وضمائرهم ، حتى يوهن عزائمهم في طريق الدعوة والإرشاد ، والقرآن الكريم ينفي تسلل الشيطان إلى ضمائر المخلصين الذين هم الأنبياء ومن دونهم ، ويقول سبحانه : ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ). سورة الحجر ويقول أيضاً ناقلاً عن نفس الشيطان : ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَّنَهُمْ أَجْمَعينَ * إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ). سورة ص
وليس إيجاد الوهن في عزائم الأنبياء من جانب الشيطان إلاّ إغواءهم المنفي بنص الآيات.
2 ـ أن يكون المراد من إلقاء الشيطان في أُمنية النبي هو إغراء الناس ودعوتهم إلى مخالفة الأنبياء ( عليهم السلام ) والصمود في وجوههم حتى تصبح جهودهم ومخططاتهم عقيمة غير مفيدة.
وهذا المعنى هو الظاهر من القرآن الكريم حيث يحكي في غير مورد أنّ الشيطان كان يحض أقوام الأنبياء ( عليهم السلام ) على المخالفة ويعدهم بالأماني ، حتى يخالفوهم.
قال سبحانه : ( يَعِدُهُمْ ويُمَنِّيهِم وَمَا يَعِدُهُمُ الشّيطانُ إلاّ غُرُوراً ) سورة النساء
وقال سبحانه : ( وَقالَ الشَّيْطانُ لَمّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوعَدتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطان إِلاّأَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلومُوني وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ). سورة ابراهيم
وهذه الآيات ونظائرها تشهد بوضوح على أنّ الشيطان وجنوده كانوا يسعون بشدة وحماس في حضّ الناس على مخالفة الأنبياء والرسل ، وكانوا يخدعونهم بالعدة والأماني ، وعند ذلك يتضح مفاد الآية ، قال سبحانه : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلاّ إذا تمنى ( أي إذا فكّر في هداية أُمّته وخطّط لذلك الخطط ، وهيّأ لذلك المقدمات ) ألقى الشيطان في أُمنيّته ) ( بحض الناس على المخالفةوالمعاكسة وإفشال خطط الأنبياء حتى تصبح المقدمات عقيمة غير منتجة ).
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ او سهو او نسيان فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه براء
وللموضوع بقية ان شاء الله تبارك وتعالى
وارجو ان يكون هذا العمل خالصا لوجه الله تبارك وتعالى وان تكونوا قد استفدتم منه كثيرا لمنع تلك الشبهة التى تتدعى ان الشيطان يتدخل فى الوحى وفى كلام الله جل وعلا
اسال الله العظيم ان يرفع عنا الشبهات
اللهم امين
تحياتى لكم اخوكم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
اما بعد
اخوتى فى الله هذا موضوع مهم جدا لا بد على كل مسلم ان يعلمه حتى لا يقع فى الشبهات
والموضوع سيكون على عدة اقسام ان قدر الله تبارك وتعالى البقاء
وهو عن حقيقة القاء الشيطان فى امنية الانبياء والتفسير الصحيح لها ان شاء الله تبارك وتعالى وبيان الحق باذن الله جل وعلا
قال تعالى
( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُول وَلا نَبِىّ إِلاَّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللّهُ آياتِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). ( لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظّالِمينَ لَفي شِقاق بَعِيد ). (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللّهَ لَهادِالَّذينَ آمَنُوا إِلى صِراط مُسْتَقيم ). سورة الحج وهذه الآية أو الآيات من أوثق الأدلة في نظر القائل بعدم عصمة الأنبياء ، وقد استغلها المستشرقون في مجال التشكيك في الوحي النازل على النبي على وجه سيوافيك بيانه.
وكأنّ المستدل بهذه الآية يفسر إلقاء الشيطان في أُمنية الرسول أو النبي بالتدخل في الوحي النازل عليه فيغيره إلى غير ما نزل به.
ثم إنّه سبحانه يمحو ما يلقي الشيطان ويصحّح ما أُُنزل على رسوله من الآيات ، فلو كان هذا مفاد الآية ، فهو دليل على عدم عصمة الأنبياء في مجال التحفّظ على الوحي أو إبلاغه الذي اتفقت كلمة المتكلمين على المصونية في هذا المجال.
وربما يؤيد هذا التفسير بما رواه الطبري وغيره في سبب نزول هذه الآية ، وسيوافيك نصه وما فيه من الإشكال.
فالأولى تناول الآية بالبحث والتفسير حتى يتبيّن انّها تهدف إلى غير ما فسّره المستدل فنقول : يجب توضيح نقاط في الآيات.
الأُولى : ما معنى أُمنية الرسول أو النبي؟ وإلى مَ يهدف قوله سبحانه : ( إذا تمنّى ) ؟
الثانية : ما معنى مداخلة الشيطان في أُمنية النبي الذي يفيده قول اللّه سبحانه : ( ألقى الشيطان في أُمنيّته ) ؟
الثالثة : ما معنى نسخ اللّه سبحانه ما يلقيه الشيطان؟
الرابعة : ماذا يريد سبحانه من قوله : ( ثم يحكم اللّه آياته ) وهل المراد منه الآيات القرآنية؟
الخامسة : كيف يكون ما يلقيه الشيطان فتنة لمرضى القلوب وقاسيتها؟ وكيف يكون سبباً لإيمان المؤمنين ، وإخبات قلوبهم له؟
وبتفسير هذه النقاط الخمس يرتفع الإبهام الذي نسجته الأوهام حول الآية ومفادها فنقول :
1. ما معنى أُمنية الرسول أو النبي؟
أمّا الأُمنية قال ابن فارس : فهي من المنى ، بمعنى تقدير شيء ونفاذ القضاء به ، منه قولهم : مني له الماني أي قدر المقدر قال الهذلي :
لا تأمنن وان أمسيت في حرمحتى تلاقي ما يمني لك الماني
والمنا : القدر ، وماء الإنسان : منيّ ، أي يُقدّر منه خلقته. والمنيّة : الموت ، لأنّها مقدّرة على كل أحد ، وتمنّى الإنسان : أمل يقدِّره ، ومنى مكة : قال قوم : سمِّي به لما قُدِّر أن يُذبح فيه ، من قولك مناه اللّه.
وعلى ذلك فيجب علينا أن نقف على أُمنية الرسل والأنبياء من طريق الكتاب العزيز ، ولا يشك من سبر الذكر الحكيم انّه لم يكن للرسل والأنبياء ، أُمنية سوى نشر الهداية الإلهية بين أقوامهم وإرشادهم إلى طريق الخير والسعادة ، وكانوا يدأبون في تنفيذ هذا المقصد السامي ، والهدف الرفيع ولا يألون في ذلك جهداً ، وكانوا يخططون لهذا الأمر ، ويفكّرون في الخطة بعد الخطة ، ويمهدون له قدر مستطاعهم ، ويدل على ذلك جمع من الآيات نكتفي بذكر بعضها :
يقول سبحانه في حق النبي الأكرم : ( وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنينَ ).سورة يوسف ويقول أيضاً : ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرات إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ ). سورة فاطر ويقول أيضاً : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرينَ ). سورة النحل ويقول سبحانه : ( إِنَّكَ لاتَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ). سورة القصص
ويقول سبحانه : ( فَذَكِّرْإِنَّما أَنْتَ مُذَكِّر * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بُمُصَيْطِر ). سورة الغاشيه
هذا كلّه في حق النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
ويقول سبحانه حاكياً عن استقامة نوح في طريق دعوته : ( وَإِنّي كُلَّما
دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ في آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً * ثُمَّ إِنّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً * ثُمَّ إِنّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً ).سورة نوح
ويقول سبحانه بعد عدة من الآيات : ( قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْني وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاّخَساراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبّاراً * وَقالُوا لا تَذَرُُنَّ آلهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْأَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِالظّالِمينَ إِلاّ ضَلالاً). سورة نوح
فهذه الآيات ونظائرها تنبئ بوضوح عن أنّ أُمنية الأنبياء الوحيدة في حياتهم وسبيل دعوتهم هو هداية الناس إلى اللّه ، وتوسيع رقعة الدعوة إلى أبعد حد ممكن ، وان منعتهم من تحقيق هذا الهدف عراقيل وموانع ، فهم يسعون إلى ذلك بعزيمة راسخة ورجاء واثق.
إلى هنا تبيّن الجواب عن السؤال الأوّل ، وهلم معي الآن لنقف على جواب السؤال الثاني ، أعني :
2. ما معنى إلقاء الشيطان في أُمنية الرسل؟
وهذا السؤال هو النقطة الحاسمة في استدلال المخالف ، وبالإجابة عليها يظهر وهن الاستدلال بوضوح فنقول : إنّ إلقاء الشيطان في أُمنيتهم يتحقّق بإحدى صورتين :
1 ـ أن يوسوس في قلوب الأنبياء ويوهن عزائمهم الراسخة ، ويقنعهم بعدم جدوى دعوتهم وإرشادهم ، وانّ هذه الأُمّة أُمّة غير قابلة للهداية ، فتظهر بسبب
(109)
ذلك سحائب اليأس في قلوبهم ويكفّوا عن دعوة الناس وينصرفوا عن هدايتهم.
ولا شك أنّ هذا المعنى لا يناسب ساحة الأنبياء بنص القرآن الكريم ، لأنّه يستلزم أن يكون للشيطان سلطان على قلوب الأنبياء وضمائرهم ، حتى يوهن عزائمهم في طريق الدعوة والإرشاد ، والقرآن الكريم ينفي تسلل الشيطان إلى ضمائر المخلصين الذين هم الأنبياء ومن دونهم ، ويقول سبحانه : ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ). سورة الحجر ويقول أيضاً ناقلاً عن نفس الشيطان : ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَّنَهُمْ أَجْمَعينَ * إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ). سورة ص
وليس إيجاد الوهن في عزائم الأنبياء من جانب الشيطان إلاّ إغواءهم المنفي بنص الآيات.
2 ـ أن يكون المراد من إلقاء الشيطان في أُمنية النبي هو إغراء الناس ودعوتهم إلى مخالفة الأنبياء ( عليهم السلام ) والصمود في وجوههم حتى تصبح جهودهم ومخططاتهم عقيمة غير مفيدة.
وهذا المعنى هو الظاهر من القرآن الكريم حيث يحكي في غير مورد أنّ الشيطان كان يحض أقوام الأنبياء ( عليهم السلام ) على المخالفة ويعدهم بالأماني ، حتى يخالفوهم.
قال سبحانه : ( يَعِدُهُمْ ويُمَنِّيهِم وَمَا يَعِدُهُمُ الشّيطانُ إلاّ غُرُوراً ) سورة النساء
وقال سبحانه : ( وَقالَ الشَّيْطانُ لَمّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوعَدتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطان إِلاّأَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلومُوني وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ). سورة ابراهيم
وهذه الآيات ونظائرها تشهد بوضوح على أنّ الشيطان وجنوده كانوا يسعون بشدة وحماس في حضّ الناس على مخالفة الأنبياء والرسل ، وكانوا يخدعونهم بالعدة والأماني ، وعند ذلك يتضح مفاد الآية ، قال سبحانه : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلاّ إذا تمنى ( أي إذا فكّر في هداية أُمّته وخطّط لذلك الخطط ، وهيّأ لذلك المقدمات ) ألقى الشيطان في أُمنيّته ) ( بحض الناس على المخالفةوالمعاكسة وإفشال خطط الأنبياء حتى تصبح المقدمات عقيمة غير منتجة ).
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ او سهو او نسيان فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه براء
وللموضوع بقية ان شاء الله تبارك وتعالى
وارجو ان يكون هذا العمل خالصا لوجه الله تبارك وتعالى وان تكونوا قد استفدتم منه كثيرا لمنع تلك الشبهة التى تتدعى ان الشيطان يتدخل فى الوحى وفى كلام الله جل وعلا
اسال الله العظيم ان يرفع عنا الشبهات
اللهم امين
تحياتى لكم اخوكم