كيف وفق كانط بين الدين والفلسفة وأسس للعلمانية الحديثة ؟
قام كانط في البداية بتمحيص العقل ووضع الحدود له ، وحدوده أن العقل لا يمكنه التيقن من الميتافيزيقيا وان كل ادعاء ميتافيزيقي لا يمكن الأخذ به كمسلمة وانما فقط العقل مهيئ للتفكير الميتافيزيقي(1) وهذا ما جعل الادعاءات الميتافيزيقية فرضيات ممكنة لا يمكن التحقق من صحتها ، وهنا سنجد أن كل الأخلاق الدينية والمسيحية التي كان يؤمن بها بشكل خاص أمام مشكلة كبيرة كونها تدعوا الى الصدق والعفة والكرم من باب أنها أوامر إللهية في المقام الأول والإله بحد ذاته ميتافيزيقي لا يمكن التأكد منه حسب نظريته المعرفية ، وأيضاً كان يرفض تلك الأفكار والمدارس الفلسفية التي تهاجم الأخلاق وتدعوا الى زوالها والتي كانت بشكل أساسي تستند الى التجربة(2) البشرية مع الأخلاق اذ أنها وجدت أن كل الأخلاق الموجودة ليست كاملة وأن الشر موجود في الأخلاق نفسها ، لذلك رفض أيضاً أن يبني منهجه الأخلاقي على التجربة التي حسب زعمه لا يوجد مثال أخلاقي واحد تم تطبيقه (3)، وهنا حاول إيجاد البديل المتين الذي على أساسه يمكن أن يبني منهج أخلاقي بدون الوقوع في الأوامر الميتافيزقية التي لا يمكن التنبؤ من صحتها ، أو النظر الى التجربة العملية للأخلاق التي تنفي الأخلاق ، فتوصل الى أنه يجب أخذ الأخلاق من العقل(4) الذي يجب أن يكون حراً ليعرف القانون الأخلاقي الموجود قبلياً لديه فهو كل قانون أخلاقي عام ينطبق على جميع البشر لا يحتوي على تناقض في ذاته .
بهذه الطريقة استطاع كانط أن يستمد الأخلاق المسيحية من العقل بدون الرجوع إلى الدين وبدون الرجوع للتجربة ، بل من العقل لوحده وفي نفس الوقت لم ينفي امكانية ان تستمد الأخلاق من الله كون التفكير الميتافيزيقي فرضية ممكنة كون العقل مهيئ لها .. فقام بذلك بمصالحة الدين مع الفلسفة حسب ما يرى الكثيرون .وهكذا أفلت عقال العقل بجانب الدين فأسس بهذه النظرية للعلمانية الحديثة أيضاً
(1) يقول كانط " ومع ذلك وبمعنى من المعاني فإنه يجب النظر الى هذا النوع من المعرفة كمعطى ، فالميتافيزيقيا على الرغم من أنها ليست متحققة كعلم ، فإنها متحققة من حيث هي استعداد طبيعي " ( ايمانويل كانط : نقد العقل المحض ، ترجمة موسى وهبة ، مركز الإنماء القومي ، ط 2،بيروت ، لبنان ، ص 53
(2) " وليس في مقدور الإنسان فضلاً عن ذلك أن يسيء إلى الأخلاق إساءة أبلغ من محاولة استخلاصها من أمثلة تجريبية " ( إيمانويل كانط ، تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق، ترجمة عبد الغفار مكاوي، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1980 ط 2، ص27
(3)" والواقع أن يستحيل استحالة مطلقة أن نجد عن طريق التجربة وبيقين تام حالة واحدة قامت فيها مسلمة فعل من الأفعال متفق مع الواجب " المرجع السابق ، ص 40
(4) " من أجل ذلك كان تمثل القانون في ذاته ، وهو ما يتم بالطبع عند الكائن العاقل وحده " المرجع السابق ، ص27
قام كانط في البداية بتمحيص العقل ووضع الحدود له ، وحدوده أن العقل لا يمكنه التيقن من الميتافيزيقيا وان كل ادعاء ميتافيزيقي لا يمكن الأخذ به كمسلمة وانما فقط العقل مهيئ للتفكير الميتافيزيقي(1) وهذا ما جعل الادعاءات الميتافيزيقية فرضيات ممكنة لا يمكن التحقق من صحتها ، وهنا سنجد أن كل الأخلاق الدينية والمسيحية التي كان يؤمن بها بشكل خاص أمام مشكلة كبيرة كونها تدعوا الى الصدق والعفة والكرم من باب أنها أوامر إللهية في المقام الأول والإله بحد ذاته ميتافيزيقي لا يمكن التأكد منه حسب نظريته المعرفية ، وأيضاً كان يرفض تلك الأفكار والمدارس الفلسفية التي تهاجم الأخلاق وتدعوا الى زوالها والتي كانت بشكل أساسي تستند الى التجربة(2) البشرية مع الأخلاق اذ أنها وجدت أن كل الأخلاق الموجودة ليست كاملة وأن الشر موجود في الأخلاق نفسها ، لذلك رفض أيضاً أن يبني منهجه الأخلاقي على التجربة التي حسب زعمه لا يوجد مثال أخلاقي واحد تم تطبيقه (3)، وهنا حاول إيجاد البديل المتين الذي على أساسه يمكن أن يبني منهج أخلاقي بدون الوقوع في الأوامر الميتافيزقية التي لا يمكن التنبؤ من صحتها ، أو النظر الى التجربة العملية للأخلاق التي تنفي الأخلاق ، فتوصل الى أنه يجب أخذ الأخلاق من العقل(4) الذي يجب أن يكون حراً ليعرف القانون الأخلاقي الموجود قبلياً لديه فهو كل قانون أخلاقي عام ينطبق على جميع البشر لا يحتوي على تناقض في ذاته .
بهذه الطريقة استطاع كانط أن يستمد الأخلاق المسيحية من العقل بدون الرجوع إلى الدين وبدون الرجوع للتجربة ، بل من العقل لوحده وفي نفس الوقت لم ينفي امكانية ان تستمد الأخلاق من الله كون التفكير الميتافيزيقي فرضية ممكنة كون العقل مهيئ لها .. فقام بذلك بمصالحة الدين مع الفلسفة حسب ما يرى الكثيرون .وهكذا أفلت عقال العقل بجانب الدين فأسس بهذه النظرية للعلمانية الحديثة أيضاً
(1) يقول كانط " ومع ذلك وبمعنى من المعاني فإنه يجب النظر الى هذا النوع من المعرفة كمعطى ، فالميتافيزيقيا على الرغم من أنها ليست متحققة كعلم ، فإنها متحققة من حيث هي استعداد طبيعي " ( ايمانويل كانط : نقد العقل المحض ، ترجمة موسى وهبة ، مركز الإنماء القومي ، ط 2،بيروت ، لبنان ، ص 53
(2) " وليس في مقدور الإنسان فضلاً عن ذلك أن يسيء إلى الأخلاق إساءة أبلغ من محاولة استخلاصها من أمثلة تجريبية " ( إيمانويل كانط ، تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق، ترجمة عبد الغفار مكاوي، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1980 ط 2، ص27
(3)" والواقع أن يستحيل استحالة مطلقة أن نجد عن طريق التجربة وبيقين تام حالة واحدة قامت فيها مسلمة فعل من الأفعال متفق مع الواجب " المرجع السابق ، ص 40
(4) " من أجل ذلك كان تمثل القانون في ذاته ، وهو ما يتم بالطبع عند الكائن العاقل وحده " المرجع السابق ، ص27